وردت كلمة المؤتفكات في كتاب الله العزيز في عدّة آيات، ففي سورة الحاقة الآية رقم 9 قال تعالى ( وجاء فرعون ومن قبله والمؤتفكات بالخاطئة )، وفي الآية 53 من سورة النّجم قال تعالى ( والمؤتفكة أهوى، فغشّاها ما غشى )، فما هو المقصود بالمؤتفكات في الآيات الكريمة ؟.
بعث الله تعالى نبيّه لوط عليه السّلام إلى قومٍ فشت فيهم المنكرات، وانحرفوا عن منهج الله تعالى وفطرته التي فطر النّاس عليها، فقد كانوا يشتهون الرّجال من دون النّساء، فخالفوا بذلك ما أودعه الله تعالى في نفوس الجنسين من ميولٍ وغرائز اتجاه بعضهم البعض ، وقد تعرّض نبي الله لوط عليه السلام إلى أذى كبير منهم، حتّى راودوه يومًا عن أضيافه من الملائكة، ولم يؤمن منهم بدعوة الله إلا قليل، وقد حذّرهم لوط من مغبّة عصيان الله والكفر بدعوته، فأبوا إلا الإصرار على موقفهم، فبعث الله تعالى ملائكة العذاب لتحمل قريتهم وتنزعها من مكانها ثمّ تهوي بها رأسًا على عقب عقابًا لهم، ثمّ يمطر الله تعالى عليهم زيادةً في العقوبة حجارةً من سجّيل منضود، وليبقى مكان عذابهم آيةً للمجرمين إلى يوم القيامة، وقد سمّيت قرى قوم لوط بالمؤتفكات من ائتفك إي انقلب وسقط أو هلك، والخاطئة هي فعلهم وذنبهم المنكر الذي استحقوا بسببه عذاب الله تعالى.
وهناك من العلماء من يرى بأنّ المؤتفكات هي لفظٌ عام للأمم التي أهلكها الله تعالى بسبب ذنبوها وكفرها بدعوة الله تعالى ومنها قوم ثمود وقوم مدين وقوم عاد وغيرها، ومنهم من عذّبه الله تعالى بالصّيحة ومنهم من عذّبه الله تعالى بالرّيح العقيم.
وهناك من العلماء من يفسّر كلمة المؤتفكات بقارون وجماعته، ولقد ذكر القرآن الكريم قصّته وكيف آتاه الله تعالى كنوزًا كثيرةً ينوء حملها بالجماعة أولي القوة والبأس الشّديد، وقد استعلى على قومه واستكبر بجاهه وماله، وقد خرج يومًا متبخترًا يمشي بخيلاء بين قومه وهو يظنّ أنّ الله تعالى قد آتاه ذلك بسبب مكانته عنده، وما ظنّ هذا العبد الآبق أنّ ذلك من فتنة الله تعالى للعباد واختبارًا له، فكان عاقبته أن خسف الله تعالى به وبداره الأرض ليصبح عبرةً لمن خلفه. والرّاجح من أقوال العلماء في كلمة المؤتفكات أنّ المقصود منها هم قوم لوطٍ عليه السّلام لقوّة الدّليل على ذلك إذ أن معنى المؤتفكات المنقلبات وهي قرى قوم لوط التي قلبت رأساً على قلب.
المقالات المتعلقة بما معنى المؤتفكات